18‏/12‏/2009

آخر محاضرة "تنبيهات" تعارض الجرح والتعديل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حبيباتي أرسلت لشيخنا الفاضل علي -حفظه الله- ولم يصلني المقرر بعد ,
وقد طلبت مني احداكن وهي غالية على قلبي كثيرا أن أدون شيئا مما كان في المحاضرة السابقة ,
فأجبتها لذلك وإن كان متأخرا نظرا للانشغال كما تعلمون ,
ولكني مسؤولة عنكم في هذه المادة على وجه الخصوص .
أخذنا في المحاضرة الماضية " تعارض الجرح والتعديل " كيف نتعامل معه :
بداية تحدث شيخنا عن بعض المقدمات , وما يحصل من خلل في هذا الباب , ومن ذلك :
1)عدم تحقيق القول في الرواة لعدم وجود منهج دقيق في ذلك لدى بعض الباحثين
2) ومن ذلك اعتماده على قول ابن حجر -رحمه الله- في الرواة بدون النظر إلى أقوال النقاد .
ومعلوم أن ابن حجر -رحمه الله- قد لخص القول في الراوي بدون ذكر التفصيلات في أقوال النقاد فيه ,
كذلك اختلف هو بنفسه قوله في كتبه , كما نلاحظ ذلك في الفتح والتقريب , وقد جمعها أحد الباحثين في مؤلف .
لذلك من هنا ينبغي على الباحث أن يدقق في الحكم على الرواة ولا يعتمد على اقوال المتأخرين ,
بل ينظر في المتقدمين وفقا للنقاط التي سنذكرها .
3) الراوي المختلف فيه :
* اذا كان قول الأئمة واحدا في الراوي وخالفهم 1 أو 2 فنأخذ بالأغلب .
* هناك خلاف وسط بين الأئمة , كما هو الحال في الراوي "أسامة بن الليث الزيدي"* هناك من فيه خلاف شديد , كما هو الحال في الرواة " لهيعة , القاضي , اسحاق " ففيهم تعارض واضح وقوي ولابد من اعمال القرائن .
اذا بحثت في كتب مصطلح الحديث وقرأت فيمن تقبل روايته ومن ترد ,
الغالب أنها مسائل نظرية مع وجود الصبغة الاصولية فيها .
4) لا بد للحكم على الراوي من الاكثار من الممارسة وملاحظة اقوال النقاد وكيف نجمع بينها .
* الحكم على الراوي نسبي , فربما يكون على باحثة سهل والاخرى غير ذلك
5) للجرح والتعديل قواعد مهمة لدفع التعارض (15) من تدرب عليها تحصل له ملكة في الحكم على الرواة .
6) أوسع من استخدم هذه القواعد الامام الذهبي في كثير من كتبه ,
ومن ذلك "ميزان الاعتدال"وقد قلنا في برنامج صناعة الحديث ان كتابه مدرسة في تعليم الجرح والتعديل .
ايضا ابن حجر في مقدمة فتح الباري "هدي الساري" في الفصل التاسع , " من طعن فيه ......"فيناقش فيه الاقوال وينقدها
لابد من التفطن ان ما نذكره انما هو مفاتيح لتبصير الباحث , ويبقى جد الباحث وكثرة تطبيقاته ,
وهو جهد شخصي عليه ان ينميه .
الرواة المختلف فيهم لهم صورتان :
1- تعارض صادر عن امام واحد , كيحيى ابن معين -رحمه الله- فمره يوثق الراوي ومره يجرحه .
ولهذه الصورة حالتان :-
أ) ان يتغير اجتهاده في الحكم على الراوي , فنأخذ بآخر قوليه , مثل قوله في " يعقوب بن شيبة السدوسي "مثال :سمعت عفان بن مسلم الصفار لا يرضى امر روح بن عبادة ثم بلغني انه قواه أيضا سُئل الامام احمد بن حنبل عن "الحكم بن عطية " فقال : كان عندي ليس به بأس ثم بلغني انه حدث باحاديث مناكير وكأنه يضعفه .س: كيف نعرف أن هذا القول هو اخر قول للامام ؟نعرف ذلك بقرائن , منها :
1- نص الناقد نفسه .
2- نص ائمة الجرح والتعديل , وممن كان يهتم بذلك الامام الذهبي -رحمه الله-.
3- النظر في تلاميذ الشيخ ومعرفة المتأخر منهم والمتقدم .
ب) لا يتبين انه تغير اجتهاده :
1- نجمع بين القولين كأن يكون تضعيفه لأحد الرواة نسبيا , كأن يقارنه بغيره مثاله : قول يحيى بن معين في "العلاء" ليس به بأس , ثم قال لما قارنه بسعيد المقبري : سعيد أوثق والعلاء ضعيف .
2- اذا لم نستطع الجمع نطلب الترجيح بالقرائن , كأن يكون أحد اقوال التلاميذ مقدما على غيره لكثرة ملازمته فعباس الدوري يقدم على غيره , والبغداديون يقدمون ايضا لكثرة ملازمته , وذلك في يحيى بن معين .
3- اذا لم نستطع الجمع والترجيح نأخذ بأقرب أقواله الى الائمة , فمثلا "العلاء بن عبدالرحمن " التوثيق هو اقرب الاقوال الى الائمة
4- اذا لم يتيسر كل ما مضى فنتوقف حتى يظهر مرجح , وهذا لا يقع الا قليل .
ملاحظة : اكثر ما يكون التعارض في اقوال امام واحد في "يحيى بن معين "
وقد درس ذلك احد الباحثين وهو : سعد الهاشمي .(اختلاف أقوال النقاد .......) ,
فتحدث د. سعد عن هذه الظاهرة , واستطرد لاجل معالجتها ,
وذكر نماذج في ذلك ومما هو مهم في بحثه "بيان الخطوات المتبعة ......"
-عذرا لست اذكر العنوان ولكن فحواه يتحدث عن القواعد والضوابط المتبعة عند تعارض الاقوال في الراوي
-ومن هذه القواعد التي ذكرها "
*اذا تفرد الناقد بقول يؤخذ بقول الجماعة
* التاكد من عدم وجود تصحيف
* معرفة دلالة عبارته "ليس بشيء , لا بأس به " والتأكد من ثبوتها بنفس اللفظ عنه
* التثبت من صحة نسبة القول الى الناقد (تشابه النقطة السابقة لكن ما قبلها ادق)
* التثبت من صحة اسم الراوي
* تقديم قول الملازمون للناقد على غيرهم كقول البغدادوين عند ابن معين .
الحالة الثانية :
ان يكون التعارض عن امامين واكثر القواعد ستكون أسهل لممارستنا للعمل ,
وكما قال شيخنا -حفظه الله- "العلم اذا جاء عند الاستشكال اصبح راسخا " او كلمة نحوها .
عندنا في هذه الحالة قواعد معينة للترجيح , ومن ذلك :
1) أهلية الناقد لقبول قوله .فاذا كان الناقد غير مؤهل فقوله لا قيمة له .من ابرز هؤلاء : الامام أحمد , ابن معين , شعبة وغيرهم وكذلك "صلاح الدين " -لا اذكر اسمه بأكمله- ناقد معروف بالالتزام والورع والتحفظ
2) أن لا يكون صاحب بدعة مسقطة لعدالته ( فرق بين الرواة والنقاد فالرواة كما اخذنا ان البدعة غير جارحة لعدالتهم اما النقاد فهي تقلل من قيمة اقوالهم ) مثل : ابن خراش , فهو من النقادالمعروفين ولكنه رافضي فائدة : نوف الفرهود كتبت رسالة ماجستير عن ابن خراش واقواله , باشراف فضيلة شيخنا د. علي -حفظه الله-خلصوا الى انه من المعتدلين , وليس له قول غر معتبر , بل نجد انه طعن في الرواة الشيعة والرافضة بسبب الخطأ , وكما قال شيخنا " اتحدى احد يعطينا طعن له في احد الرواة بسبب مذهبه"فخلاصة القول أن الناقد ان كان صاحب بدعته قوله مقبول ما لم يخالف غيره , وبلا شك ان منزلته اقل من غيره .ايضا من هؤلاء ابن حزم , صاحب كتاب "المحلى" رُمي بالتجهم فهو يعتد بقوله مع التحفظ أيضا البيهقي فهو من الاشاعرة فهؤلاء الثلاثة وقعوا في اجتهادات بالتأويل نقصت من قدرهم لكن لا تخرج عن القبول .
3) ان يكون حافظا للحديث , صاحب سبر وهناك بعض النقاد لم يتصف بها فمثلا الواقدي واسع الحديث , لم يحفظ الحديث فرمي بالكذب الازدي رمي بانه يروي غرائب فلا يعتد بقوله خاصة عند الشذوذ .عبدالله بن القانع (صاحب معجم الصحابة وهو في 4 مجلدات -مطبوع- وطبعته فيها اخطاء كثيرة ) قال عنه الائمة ضعيف , فليس عنده اهلية النظر والحفظ فهؤلاء لا يعتمد على اقوالهم منفردين , وربما يستأنس بها عند الموافقة . الذهبي -رحمه الله- ألف كتاب ذكر فيه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل , عدهم 715 ناقد من اشهرهم : رجال شعبة بن الحجاج , وان كان عنده تشدد في التوثيق مالك بن انس , فهو لا يروي الا عن ثقة , وقوله مهم جدا ومعتبريحيى القطان تلميذ شعبة , معروف بالتشدد , لكنه من المكثرين والمعتبر قولهم عبدالرحمن بن مهدي , توفي هو والقطان في سنة واحدة , معتدل وامام كبير , واذا اجتمع قوله هو ويحيى في تضعيف راوي فحسبك انه ضعيف , وكذلك القول في التوثيق أبو مسهر , امام اهل الشام , خاصة في اهل الشام يحيى ابن معين , هو في الشأن رأس , وعنده نوع تشدد علي المديني : معتدل احمد بن حنبل : امام هذه الصنعة , معتدل في نقده وربما تشدد في المبتدعة اذا اجتمع قول يحيى واحمد الغالب انه يعتمد .البخاري ابو زرعة : معتدل اكثر من ابي حاتمابو حاتم : مشهور بالتشددفهؤلاء ممن يكثر ورود اقوالهم , ويقدمون على غيرهم في نقد الرواة وياتي بعدهم في الشهرة العقيلي , ابن حبان , النسائي (متشدد) ***********************************الجوزجاني : صحاب كتاب احوال الرجال , مشهور بالنصب (بغض آل البيت) نجد انه يطعن في بعض اهل الكوفة " كالاعمش" ربما تأثرا بمذهبه , فالنقاد بشر , ولكن من المهم ان نعلم انهم لا يتفقون على الخطأفالأعمش كذلك ربما تكلم ولكن النقاد ردوا عليه *******************************************أحبتي :هذا ما تيسر لي في هذه العُجالة , وهي مما كتبته في الملاحظة ولم أرتب له , ولكن عله يعيننا ريثما يرسل لنا شيخنا -بارك الله في علمه وعمله-وقفة :الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- سُئل عن علاج النسيان !فذكر : الكتابة صدق والله ربنا لك الحمد , يا من علمت بالقلم , علمتنا ما لم نكن نعلم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق