السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيباتي أرسلت لشيخنا الفاضل علي -حفظه الله- ولم يصلني المقرر بعد ,
وقد طلبت مني احداكن وهي غالية على قلبي كثيرا أن أدون شيئا مما كان في المحاضرة السابقة ,
فأجبتها لذلك وإن كان متأخرا نظرا للانشغال كما تعلمون ,
ولكني مسؤولة عنكم في هذه المادة على وجه الخصوص .
أخذنا في المحاضرة الماضية " تعارض الجرح والتعديل " كيف نتعامل معه :
بداية تحدث شيخنا عن بعض المقدمات , وما يحصل من خلل في هذا الباب , ومن ذلك :
1)عدم تحقيق القول في الرواة لعدم وجود منهج دقيق في ذلك لدى بعض الباحثين 2) ومن ذلك اعتماده على قول ابن حجر -رحمه الله- في الرواة بدون النظر إلى أقوال النقاد . ومعلوم أن ابن حجر -رحمه الله- قد لخص القول في الراوي بدون ذكر التفصيلات في أقوال النقاد فيه , كذلك اختلف هو بنفسه قوله في كتبه , كما نلاحظ ذلك في الفتح والتقريب , وقد جمعها أحد الباحثين في مؤلف . لذلك من هنا ينبغي على الباحث أن يدقق في الحكم على الرواة ولا يعتمد على اقوال المتأخرين , بل ينظر في المتقدمين وفقا للنقاط التي سنذكرها . 3) الراوي المختلف فيه : * اذا كان قول الأئمة واحدا في الراوي وخالفهم 1 أو 2 فنأخذ بالأغلب . * هناك خلاف وسط بين الأئمة , كما هو الحال في الراوي "أسامة بن الليث الزيدي"* هناك من فيه خلاف شديد , كما هو الحال في الرواة " لهيعة , القاضي , اسحاق " ففيهم تعارض واضح وقوي ولابد من اعمال القرائن . اذا بحثت في كتب مصطلح الحديث وقرأت فيمن تقبل روايته ومن ترد , الغالب أنها مسائل نظرية مع وجود الصبغة الاصولية فيها . 4) لا بد للحكم على الراوي من الاكثار من الممارسة وملاحظة اقوال النقاد وكيف نجمع بينها . * الحكم على الراوي نسبي , فربما يكون على باحثة سهل والاخرى غير ذلك 5) للجرح والتعديل قواعد مهمة لدفع التعارض (15) من تدرب عليها تحصل له ملكة في الحكم على الرواة . 6) أوسع من استخدم هذه القواعد الامام الذهبي في كثير من كتبه , ومن ذلك "ميزان الاعتدال"وقد قلنا في برنامج صناعة الحديث ان كتابه مدرسة في تعليم الجرح والتعديل . ايضا ابن حجر في مقدمة فتح الباري "هدي الساري" في الفصل التاسع , " من طعن فيه ......"فيناقش فيه الاقوال وينقدها لابد من التفطن ان ما نذكره انما هو مفاتيح لتبصير الباحث , ويبقى جد الباحث وكثرة تطبيقاته , وهو جهد شخصي عليه ان ينميه . الرواة المختلف فيهم لهم صورتان : 1- تعارض صادر عن امام واحد , كيحيى ابن معين -رحمه الله- فمره يوثق الراوي ومره يجرحه . ولهذه الصورة حالتان :- أ) ان يتغير اجتهاده في الحكم على الراوي , فنأخذ بآخر قوليه , مثل قوله في " يعقوب بن شيبة السدوسي "مثال :سمعت عفان بن مسلم الصفار لا يرضى امر روح بن عبادة ثم بلغني انه قواه أيضا سُئل الامام احمد بن حنبل عن "الحكم بن عطية " فقال : كان عندي ليس به بأس ثم بلغني انه حدث باحاديث مناكير وكأنه يضعفه .س: كيف نعرف أن هذا القول هو اخر قول للامام ؟نعرف ذلك بقرائن , منها : 1- نص الناقد نفسه . 2- نص ائمة الجرح والتعديل , وممن كان يهتم بذلك الامام الذهبي -رحمه الله-. 3- النظر في تلاميذ الشيخ ومعرفة المتأخر منهم والمتقدم . ب) لا يتبين انه تغير اجتهاده : 1- نجمع بين القولين كأن يكون تضعيفه لأحد الرواة نسبيا , كأن يقارنه بغيره مثاله : قول يحيى بن معين في "العلاء" ليس به بأس , ثم قال لما قارنه بسعيد المقبري : سعيد أوثق والعلاء ضعيف . 2- اذا لم نستطع الجمع نطلب الترجيح بالقرائن , كأن يكون أحد اقوال التلاميذ مقدما على غيره لكثرة ملازمته فعباس الدوري يقدم على غيره , والبغداديون يقدمون ايضا لكثرة ملازمته , وذلك في يحيى بن معين . 3- اذا لم نستطع الجمع والترجيح نأخذ بأقرب أقواله الى الائمة , فمثلا "العلاء بن عبدالرحمن " التوثيق هو اقرب الاقوال الى الائمة 4- اذا لم يتيسر كل ما مضى فنتوقف حتى يظهر مرجح , وهذا لا يقع الا قليل . ملاحظة : اكثر ما يكون التعارض في اقوال امام واحد في "يحيى بن معين " وقد درس ذلك احد الباحثين وهو : سعد الهاشمي .(اختلاف أقوال النقاد .......) , فتحدث د. سعد عن هذه الظاهرة , واستطرد لاجل معالجتها , وذكر نماذج في ذلك ومما هو مهم في بحثه "بيان الخطوات المتبعة ......" -عذرا لست اذكر العنوان ولكن فحواه يتحدث عن القواعد والضوابط المتبعة عند تعارض الاقوال في الراوي -ومن هذه القواعد التي ذكرها " *اذا تفرد الناقد بقول يؤخذ بقول الجماعة * التاكد من عدم وجود تصحيف * معرفة دلالة عبارته "ليس بشيء , لا بأس به " والتأكد من ثبوتها بنفس اللفظ عنه * التثبت من صحة نسبة القول الى الناقد (تشابه النقطة السابقة لكن ما قبلها ادق) * التثبت من صحة اسم الراوي * تقديم قول الملازمون للناقد على غيرهم كقول البغدادوين عند ابن معين . الحالة الثانية : ان يكون التعارض عن امامين واكثر القواعد ستكون أسهل لممارستنا للعمل , وكما قال شيخنا -حفظه الله- "العلم اذا جاء عند الاستشكال اصبح راسخا " او كلمة نحوها . عندنا في هذه الحالة قواعد معينة للترجيح , ومن ذلك : 1) أهلية الناقد لقبول قوله .فاذا كان الناقد غير مؤهل فقوله لا قيمة له .من ابرز هؤلاء : الامام أحمد , ابن معين , شعبة وغيرهم وكذلك "صلاح الدين " -لا اذكر اسمه بأكمله- ناقد معروف بالالتزام والورع والتحفظ 2) أن لا يكون صاحب بدعة مسقطة لعدالته ( فرق بين الرواة والنقاد فالرواة كما اخذنا ان البدعة غير جارحة لعدالتهم اما النقاد فهي تقلل من قيمة اقوالهم ) مثل : ابن خراش , فهو من النقادالمعروفين ولكنه رافضي فائدة : نوف الفرهود كتبت رسالة ماجستير عن ابن خراش واقواله , باشراف فضيلة شيخنا د. علي -حفظه الله-خلصوا الى انه من المعتدلين , وليس له قول غر معتبر , بل نجد انه طعن في الرواة الشيعة والرافضة بسبب الخطأ , وكما قال شيخنا " اتحدى احد يعطينا طعن له في احد الرواة بسبب مذهبه"فخلاصة القول أن الناقد ان كان صاحب بدعته قوله مقبول ما لم يخالف غيره , وبلا شك ان منزلته اقل من غيره .ايضا من هؤلاء ابن حزم , صاحب كتاب "المحلى" رُمي بالتجهم فهو يعتد بقوله مع التحفظ أيضا البيهقي فهو من الاشاعرة فهؤلاء الثلاثة وقعوا في اجتهادات بالتأويل نقصت من قدرهم لكن لا تخرج عن القبول . 3) ان يكون حافظا للحديث , صاحب سبر وهناك بعض النقاد لم يتصف بها فمثلا الواقدي واسع الحديث , لم يحفظ الحديث فرمي بالكذب الازدي رمي بانه يروي غرائب فلا يعتد بقوله خاصة عند الشذوذ .عبدالله بن القانع (صاحب معجم الصحابة وهو في 4 مجلدات -مطبوع- وطبعته فيها اخطاء كثيرة ) قال عنه الائمة ضعيف , فليس عنده اهلية النظر والحفظ فهؤلاء لا يعتمد على اقوالهم منفردين , وربما يستأنس بها عند الموافقة . الذهبي -رحمه الله- ألف كتاب ذكر فيه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل , عدهم 715 ناقد من اشهرهم : رجال شعبة بن الحجاج , وان كان عنده تشدد في التوثيق مالك بن انس , فهو لا يروي الا عن ثقة , وقوله مهم جدا ومعتبريحيى القطان تلميذ شعبة , معروف بالتشدد , لكنه من المكثرين والمعتبر قولهم عبدالرحمن بن مهدي , توفي هو والقطان في سنة واحدة , معتدل وامام كبير , واذا اجتمع قوله هو ويحيى في تضعيف راوي فحسبك انه ضعيف , وكذلك القول في التوثيق أبو مسهر , امام اهل الشام , خاصة في اهل الشام يحيى ابن معين , هو في الشأن رأس , وعنده نوع تشدد علي المديني : معتدل احمد بن حنبل : امام هذه الصنعة , معتدل في نقده وربما تشدد في المبتدعة اذا اجتمع قول يحيى واحمد الغالب انه يعتمد .البخاري ابو زرعة : معتدل اكثر من ابي حاتمابو حاتم : مشهور بالتشددفهؤلاء ممن يكثر ورود اقوالهم , ويقدمون على غيرهم في نقد الرواة وياتي بعدهم في الشهرة العقيلي , ابن حبان , النسائي (متشدد) ***********************************الجوزجاني : صحاب كتاب احوال الرجال , مشهور بالنصب (بغض آل البيت) نجد انه يطعن في بعض اهل الكوفة " كالاعمش" ربما تأثرا بمذهبه , فالنقاد بشر , ولكن من المهم ان نعلم انهم لا يتفقون على الخطأفالأعمش كذلك ربما تكلم ولكن النقاد ردوا عليه *******************************************أحبتي :هذا ما تيسر لي في هذه العُجالة , وهي مما كتبته في الملاحظة ولم أرتب له , ولكن عله يعيننا ريثما يرسل لنا شيخنا -بارك الله في علمه وعمله-وقفة :الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- سُئل عن علاج النسيان !فذكر : الكتابة صدق والله ربنا لك الحمد , يا من علمت بالقلم , علمتنا ما لم نكن نعلم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق